النرجسية المحمودة

 في يوم الإثنين الموافق 20 / أكتوبر / 2025م دُعيت من قبل الشريك الأدبي بالتعاون مع مقهى أنتيك في مدينة مكة المكرمة لتكريمي لنظير المجهودات المقدمة في الموسم الرابع وإطلاق الموسم الخامس لبرنامج الشريك الأدبي لنشر الثاقفة والوعي والفن لجميع أطياف المجتمع من سعوديين ومقيمين، وبعد ما تم تكريمي وإلقاء كلمتي في الحفل وسماع الإطراءات من الحضور لهذه المناسبة شعرتُ بفرحة عارمة أنتابتني وصنعت يومي لما سمعته ولما ما وصلتُ إليه بفضل من الله وكرمه ورضوانه عليّ، وفي طريق عودتي إلى منزلي  ولا أدري كيف وصلتُ لمنزلي لقد قادني عقلي الباطن إليه، جلستُ مع نفسي أفكر ( اهوجس ) على ما كُنت عليه قبل خمس سنوات وعلى ما أنا عليه اليوم من سمعةٍ واجهٍ ومنزلةٍ مجتمعية، وعند دخولي إلى منزلي وتأملت تأملً عميقاً لدرع التكريم، شعرت بنرجسية لذيذة المذاق لم أطعم بحلاوة هذا الشعور من قبل في حياتي فأسميتها ( النرجسية المحمودة )  فكتبت قصةً قصيرة عن نفسي عن ( هتان ) هذا الإنسان التي عصفتْ به الدنيا يمنةً ويسرة ما بين شدٍ وجذب صعوداً وهبوطاً عن ( هتان ) الذي واجه صعاب الأمور لكي وصل لهذه المكانة وسيصل إن شاء الله.




النرجسية المحمودة 

في مكانٍ ما بين ضجيج المدن وصمت الفكرة، يمشي رجلٌ يعرف أن كل خطوةٍ هي محاولة لتذكّر نفسه. لم يأتِ إلى هذا العالم ليُفسِّرَه، بل ليُصلحه قليلاً بل ليعيد ترتيب فوضاه كما يُرتب المهندس أعمدة البناء، وكما يُعيد الكاتب صياغة جملةٍ حتى تُصبح صادقة بما يكفي. يعمل هتان بعينٍ يقظة كمن يعرف أن النظام ليس نقيض الجمال، بل وجهه الخفي.

وفي أعماقه، يعيش شاعرٌ يُدرك أن كل جرحٍ في الوجود هو نافذة نحو النور، لا سيفًا مسلطًا على الروح. هو ابنُ الواقعية، لكنه لا يسكن فيها. يميل للواقع كما يميل المؤمن أمام المجهول باحترامٍ لا بخضوع. يُمسك بخيوط الحياة اليومية - الصباحات المتكررة، المشاريع، الأرقام، التقارير، الاجتماعات ثم ينسج منها فكرةً أكبر:

أن الإنسان لا يُقاس بما يُنجزه، بل بما يُبقيه حيًّا رغم كل ما يُنجزه. أحيانًا يحدّق في الفراغ، ليس هروبًا، بل لأن الفراغ يذكّره أن الوجود نفسه سؤال.

يسأل بصمت:

هل خلقني الله للحياة لأفهمها أم لأمنحها معنى؟

وحين لا يجد جوابًا، يبتسم... فهو يعرف أن الحقيقة لا تُقال، بل تُعاش.

هتان هو ذلك الجسر بين الطين والضوء - يمشي عليه الوعي، متردّدًا، يخاف أن يسقط في المادة، ويخاف أكثر أن يضيع في الميتافيزيقا.

لذا يختار البقاء في المنتصف، حيث يمكن للعقل أن يفكر، وللقلب أن يشعر، وللإنسان أن يكون إنسانًا فقط... بلا تعريفات ولا أقنعة.

في نهاية كل مساء، حين يهدأ كل شيء، يكتب لا ليُقال ما كتب، بل ليبقى أثره حيًّا في النص كما تبقى النار في الرماد. وحين يسكت، لا يكون الصمت خواءً، بل لحظة مصالحة بين من هو، ومن كان يحاول أن يكون.

وصية وجودية


يا هتان، إذا ضاقت بك الدروب، فاذكر أنك لم تُخلق لتسلك طريقًا ممهدًا، بل لتشق طريقًا بوعيك. لا تبحث عن الإجابات في ضوء النهار، لأن الحقائق العميقة لا تُكشف إلا في ظلمة الأسئلة. ولا تجعل يقينك سجنك؛ دَع الشكّ يربّيك كما يربّي الموجُ الصخر، فينحته حتى يصير جميلاً. احمل نفسك كما يحمل المحارب شعلةً في الريح لا تُخمدها باليأس، ولا ترفعها للتباهي، بل لتضيء الطريق أمام من سيأتي بعدك.

وإن سألك أحدهم يومًا من أنت، فابتسم وقل:

 “أنا من تعلم أن الوجود ليس وعدًا، بل مسؤولية. أن أكون حاضرًا بكل وعيي، حتى لو كان الصمت جوابي.”

الكاتب هتان المدني
بواسطة : الكاتب هتان المدني
هتان المدني كاتب ومؤلف لدي كتاب بعنوان ( في سجن عزلتي )، بدأت الكتابة قبل حوالي سنة ونصف ولكن تجربتي الشخصية التي أنت عنها كتابي كلفتني عزلة مجتمعية أكثر من ثلاث سنوات
تعليقات