عقدة النقص في الشكل وخطره على الإنسان

 عقدة الشكل ليست سوى لأحد أشكال عقدة النقص، يدخل الشخص فيها بمقارنة تلقائية مع الآخر مع الشعور بالدونية، ودائماً سيشعر أن شكله غي كافٍ لإرضائه أو إرضاء المجتمع، ومن الملاحظ أنه إذا وُجد بحضرة شخص أقل منه جمالاً بمعاييره للشكل سيتصرف بغرور ذاتي، أو كأنه يشعر بالأفضلية.

للأسف هذه المشكلة ملاحظة مع عقدة النقص، ففيها المقارنات دائمة ومستمرة وكأن العالم يحتوي نوعين من البشر، شخص أقل منك و آخر أعلى منك، وتظل المقارنة مستمرة بأسلوب غير سوي. 

المقارنة جزء من الطبيعة البشرية، ولكن الإنسان السوي يستخدمها بطريقة صحيحة، حين تخلق المقارنة تحدياً بين الشخص وذاته ليصبح أفضل، أو بشخص يملك صفة مميزة ويعمل بصدق للوصول إليها لكن بلا شعور بالدونية، ودون أن يعامل الآخر على أساس أنه أفضل منه. 



عقدة المجتمع / 

ترتبط بعقدة الشكل، فصاحب عقدة الشكل يعتقد أن المعايير التي وضعها مجتمعه للجمال هي الأساس والمثالية والغاية التي لربما لا تُدرك، غير واعٍ بأن معايير المجتمع متغيرة وغير ثابتة و أن الإعلام خلق نمطاً للأشكال تم تقديسه وأصبح هوساً لدى الكثيرين. 
مهم أن تكون واعياً، أن لكل إنسان معياراً نسبياً خاصاً بما يفضله من شكل، ولا يوجد معيار واحد يتفق عليه الجميع، فهذا الذي ترينه جميلاً قد تراه صديقتك منفراً ، وهذه التي تراها ساحرة الجمال قد يستغرب أخاك لأنك تعتقد بهذا. 

عقدة الشكل وتأثيره على العلاقات العاطفية /

الشخص الغير سوي ويعاني من عقد نفسية، غالباً ينجذب للشخص الذي يكمل نواقصه ويتوافق مع عقده، أصحاب عقدة الشكل سيكونون غالباً في بحث دائم عن أصحاب الجمال الخارجي بمعايير اجتماعية، لأنهم يعانون من نقص في الشكل فيريدون إكمال ما ينقصهم من خلال الآخر.

 ولكن المعضلة هنا أنك إذا شعرت أمام الآخر بالنقص ستعامله وكأنه أفضل منك، وتسعى إلى إرضائه على حساب نفسك، فهوا كامل في نظرك وهذا سيفقدك جاذبيتك، بل سيلاحظ الآخر مدى خضوعك له . 
الجاذبية السوية إذا اختبرت شخصاً بأساسيات اختيار الشريك المناسب لك، ووجدته منطقياً متناسباً معك، فإن جاذبيتك له سوية، والمقصود بسوية أنها تمثل ذاتك الحقيقية.

 أما الجاذبية الغير سوية حين ينجذب شخص إلى الآخر ويستنزفه، أو لا يتوافق معه ومع ذلك يجد نفسه متجهاً نحوه بشدة، فإن انجذابه قائم على عقد هذا الشخص ونواقصه وحاجاته. 
ومشكلة أخرى جلية، أنك ستركز وستخسر أشخاصاً حقيقين يدخلون حياتك العاطفية فقط لأنهم ليسوا بالمعايير المثالية التي تبحث عنها، الهوس بالشكل قد يجعلك تتفحص صور الشريك، وكلما خرجت معه وجدت نفسك مدققاً بتفاصيله لتطمئن بأنه يناسبك او لا.

 ومن الممكن تدخل في وسواس فكري مشكك بأنه خيار خاطئ، لأنه ربما ليس بالجمال المنشود، وترى أنك كنت مخدوعاً بالبداية، وبهذا ستتحول لشخص تافه لا يعرف قيمة الآخر إلا من خلال شكله، وعينيك ستصنف البشر تبعاً للشكل والمظهر. 
أوكد على، أن كلاًّ منا ربما ينجذب لشكل معين ويتقبله أكثر، وهذا ليس عيباً بل معياراً لاختيار الشريك المناسب، لكن إذا كنت تعاني هذه العقدة، ستكون مهوساً بأفضل المعايير الاجتماعية للجمال، وهذا سيصعب عليك الاختيار.


كيف تحاكي عقلك وتتقبل شكلك؟

من الصعب أن تتقبل شكلك إذا لم يتم إعادة صياغة المفاهيم المتعلقة بالشكل، رؤيتك المبالغ فيها لأهمية الشكل الخارجي تجعلك منفصلاً عن الواقع، فالبعض قد يستخدم شكله للوصول إلى النتائج، لكن هذا لن يعود عليه من الناحية النفسية بأي نتيجة سوية، بل ربما ستتملكه عقدة الرخص وسيشعر بأنه كالدمية التي يتم استخدامها لغرض معين ثم تُلقى جانباً. 

الشكل يُمل في النهاية، إذا كنت تعتقد بأنه دائم فأنت مخطئ، فإذا أنجذب اليوم لشكلك وليس لشخصيتك، فقد ينجذب لشكل آخر عن قريب، فالجاذبية لم تُبنَ على أسس سوية هنا، فتبدأ الخيانات منه والتنازلات منها، أو تبحث هي عن علاقة احتياطية تتنفس من خلالها، وتشعر بقدسية جمالها وتحافظ على أسمها كمتزوجة صورة وواجهة اجتماعية لا أكثر. 

فلا تعتقد أن معيار النجاح للزواج يكمن في مدته ، فكثير من الزيجات اليوم هي مجرد صورة لإرضاء عقدة المجتمع وعقدة الاستقرار ـ الاستقرار الظاهري بوجود منزل وزوج وطفل وليس الباطني النفسي الروحي العاطفي.

 الجاذبية في طبيعتنا البشرية تقوم على القيمة الذاتية، فكلما عاملت نفسك كقيمة، زادت جاذبيتك والحماس والشغف الذي يشعر به الإنسان للوصول إلى نتيجة صعبة المنال. 
وعندما أقيسها على الواقع، أراها أمراً حقيقياً بما يخص الكيفية التي ننجذب بها، فكلما صعب على الشريك ضمانك على أفعال الحب تجاهك وإلا فقدك، ازدادت جاذبيتك بعينه، لو رسمت حدوداً واضحة وعشت حياة غنية بهدف . 


يقول أنشتاين ( إن كنت ترغب بحياة سعيدة فأربط حياتك بهدف وليس بأشخاص أو أشياء )

صاحب هذه الصفات سيكون مرغوباً جذاباً، أما الشكل فدوره محصور بفترة محددة وليس هو الأساس.  

الاستحقاق ومصادره الخارجية /

عندما لا يعرف الإنسان قيمة نفسه واستحقاقه، سيبدأ باستمداد هذه القيمة من مصادر خارجية تبعاً لما يرى مجتمعه وأسرته وأصحابه، أنه ذو قيمة في هذا الواقع. 

إذا أمتلك الشخص أكثر من مصدر خارجي وهوا يعرف، فسوف يعاني من عقدة النقص وسيدخل في عقدة المميز، وهوا إحساس بالاختلاف والتميز لكن بطريقة غير سوية، ليكون أفضل من الوسط المحيط به ، على عكس المتميز السوي الذي يُقدر إنجازه الذاتي ، لكنه يعلم أنه بالنهاية إنسان عادي مساوٍ للجميع. 
إن العيب من يحاول تأجير السيارات الفارهة أو ارتداء الماركات العالمية فقط ليحصل على الأنظار والتقبل، فأنا لست ضد أن تقتني هذه الأشياء، لكن إذا كان فقط لنفسك ولأنك تشعر بأنها تمثل قيمة مضافة لك وحدك،
 فكلما زاد هوسك بشكلك زاد عدم تقبلك له، وستكون باحثاً عن الكمال بطريقة غير سوية. 

أما ناحية السُلطة يقول الأغلب (( يجب أن أصل إلى المنصب هذا لأكسب قيمة ومكانة )). ويقال " أعطِ الإنسان سُلّطة وستعرف حقيقته" ، وفي مجتمعنا التسلط والخضوع هي الآلية المحركة للعلاقات، حيث يتسلط الرجل على زوجته والأم الخاضعة تتسلط على أبنائها، والأخ يتسلط على أخيه الأصغر. 


يقول ابن خلدون ( المجتمعات المقهورة تُفسد أخلاقها )

 أصبح الوصول إلى الشهرة سهل جداً في ظل وجود برامج التواصل الاجتماعي، وإذا أردت أن تعرف حقيقة شعب، أنظر إلى صاحب الشهرة، حيث أن شهرته هي انعكاس للمجتمع الذي هوا فيه والعقلية السائدة. 

هل تمثل كل المجتمع؟ بكل تأكيد لا فكل مجتمع يوجد به الصالح وغير ذلك، فكل أمور الحياة يوجد بها الجانبين الخير والشر والإنسان السوي وغير السوي. 

فالخلل الأساسي في المجتمع نفسه الذي أصبح في بحث دائم عن الاستحقاق المزيف ومن يمتلكونه، ويربط هذا بالسعادة. 


الكاتب هتان المدني
بواسطة : الكاتب هتان المدني
هتان المدني كاتب ومؤلف لدي كتاب بعنوان ( في سجن عزلتي )، بدأت الكتابة قبل حوالي سنة ونصف ولكن تجربتي الشخصية التي أنت عنها كتابي كلفتني عزلة مجتمعية أكثر من ثلاث سنوات
تعليقات