الكثير منا يمضي في هذه الحياة ويقف في محطات كثيرة وربما يستقل فيها قطارات خاطئة، تسلُك به لمسارات لا تُحمد عقباها، وهو يعتقد بأن هذه المحطة وهذا القطار هو الصحيح، ولهذا فأن هذا المقال سأُعرف لك عن أهمية اختيار القطارات والمحطات الصحيحة في حياتك، لكي تمضي في هذه الحياة بشكلٍ سليم وصحيح.
هناك أنواع من القطارات والمحطات الخاطئة في حياة الإنسان، ولكل شخص منا لديه قطاراته ومحطاته الخاصة، ولكن سوف أسرد لك أهم أنواعها الخاطئة، والتي كثير من الناس يقعون فيها ويظنون أنهم على صواب، ويكتشفون بعد وصولهم إلى المحطة والوجهة الأخيرة أنهم على خطأ.
قطار التضحيات /
يُعتبر قطار التضحيات من أحد أكثر القطارات التي يستقلها الإنسان في حياته، وهو يعتقد بأن هذا القطار سيمنح له كسب ثقة الآخرين وحبِهم له، فيستمر طيلة حياته يُضحي لأجل الآخرين، والأشخاص المُضحى لأجلهم مستمتعون بما يُقدم لهم، حتى يصلون لمرحلة الإشباع لما يُقدم لهم.
عندها يقوموا بترك هذا الإنسان لتوفير احتياجات أخرى، فيدرك الإنسان المُضحي بأنه قد تُرك وحيداً، وتأتيه لحظة الإدراك بأن قطار التضحيات الذي كان يستقله، قد وصل إلى وجهته ومحطته الأخيرة ألا وهي، ( لم يُطلب منك أن تُقدم كُل ذلك )، فيكتشف بأن عمره قد مضى ولم يقُم بفعل أي شيء لنفسه وحياته ومستقبله، فأصبح خالِ اليدين ووحيداً في حياته وبيئته ومجتمعه.
قطار التأجيل والتسويف /
يُعتبر هذا القطار من أخطر الأنواع على الإطلاق، فيأتي على الإنسان فترة عمرية يغتّر فيها بصغر سنه وقوة صحته الجسدية، فلا يستغل هذا العمر والقوة والوقت في بناء نفسه وعلمه ومستقبله، ويضل يستمتع في ملذات الدنيا الزائفة، من سهر مع رفقائه أو السفر بين دولةٍ وأخرى، بل يصل البعض من الأشخاص لإقامة علاقات محرمة ومزيفة تحت مسمى الحُب.
والأدهى ولأمر من ذلك، لا يكون له أي ثقافة معرفية أو مالية، فيظن أن بمقدوره تعويض ذلك في المستقبل، لأنه يرى أن قوته وعمره يسمحان له بذلك، وعندما يصل إلى ذلك العمر الذي خطط أنه سيعوض فيه، يجد نفسه أن الانشغالات والمهمات قد زادت عليه، وأن الفرص الذهبية التي كان يعيش فيها قد ولت منه ولم يتبقى سوى القليل منها.
وهذه المحطة تُسمى محطة الندم والحصرة على الماضي الذي أضاعه، وعندما يتمنى العودة إلى الوراء لكي يعوض، يكتشف بأنه لا يستطيع ذلك أبداً، فيتم العمل على ما تبقى من الفرص مع الندم على كل ثانية قد أضاعها في الماضي عندما كان قوياً ويملك الوقت الكافي لإنجاح ذلك.
كانت هذه أهم أسوء قطارين من وجهة نظري يستقلها جميع البشر في حياتهم، وكما ذكرت سابقاً ، أن لكل إنسان له قطاراته ومحطاته الخاصة في حياته وعليه أن ينتبه منها وعليها.
ما هي القطارات الصحيحة في الحياة ؟
اتفقت دراسات علوم الإنسان على وجود قطار واحد يسمى ( قطار الحياة )، وخمس محطات رئيسية، وعلى الإنسان أن يهتم بها عندما يصل إلى هذه المحطات، وهي كالتالي :
1. محطة استثمارك العاطفي /
لا تندفع في حالات انفعال عاطفي غير مُجدٍ، وتنسى المواهب المتعددة التي تكّمُن في داخلك، وتترك نفسك تحت رحمة الأحداث الخارجية التي لا قبل لك بالسيطرة عليها .
2. محطة استثمارك البدني /
استثمر في صحتك وبدنك بقدر المستطاع، وحافظ عليها لكي عندما تصل إلى مراحل الاستمتاع في الحياة تجد الصحة الكافية لكي تستمتع بالنجاحات، أو المال الذي تعبت في جنيه والذهاب في إجازات الترفيه السنوية، وحتى وإن لم تُحقق المال الكافي للاستمتاع، أضعف الإيمان لا تُصبح عالة في هَرمك على من حولك من أبناء وزوجة .
3. محطة استثمار علاقاتك /
هذه المحطة من أحد أهم المحطات الواجبة على الإنسان أن يأخذها بشكلٍ جدي، فإن هذه الحياة لا تقم إلا بوجود العلاقات فيها، فعليك أن تستثمر بوجود علاقات مجتمعية صحية حولك، ولا بد من أن تكون هذه العلاقات تُضيف قيمة مضافة لحياتك وشخصيتك ومهنتك، فالعلاقات ليس بكمية عددها بل بعائدها المردود عليك بما هوا خير لك، اختر علاقاتك جيداً لكي تنجح في حياتك.
4. محطة استثمار أمورك المالية /
تخيل معي بأنه يوجد لديك الصحة والقوة والوقت ولكن لا يوجد لديك المال الكافي للاستمتاع في هذه الحياة، أو لا تستطيع أن تُقدم لأبنائك أو عائلتك أساسيات الحياة، ماذا سيكون موقفك النفسي والفكري وقتها؟
لذى أستثمر جيداً في مالك، تعلم كيفية إدارة هذا المال، وكيف تضعه في المكان الصحيح ولا تفقده لإرضاء شهواتك النفسية المؤقتة.
5. محطة استثمار الوقت /
هذه المحطة هي أهم محطة في حياة الإنسان على الإطلاق، حيث الثانية التي تُعدي في حياتك تُعتبر من الماضي، والماضي لا يعود على الإطلاق.
في بداية عمر الإنسان ورعيان شبابه، يكون لديه وقت فراغ كبير جداً ضائع ما بين سهرٍ ومرحٍ ولهو، فيضيع هذا الوقت سُدى من دون أي فائدة تُذكر ولا إنجاز يُشكر عليه.
الوقت يُشترى بالمال من أصحاب الانشغالات، ومثال على ذلك الوظائف التي نحن موظفون فيها، رؤساء وأصحاب الشركات هذه، فقد أشتروا وقتك لإنجاز المهام التي عليم أن ينجزوها، ويعطونك مقابل هذا الوقت ما يسمى بالراتب الشهري، فأغتنم وقتك في شبابك و أستثمره .
الخلاصة /
حياة الإنسان تتكون من عقود، ولكل عقد من الزمن لديه خواصه من الإيجابيات والسلبيات، فإذا لم تتعامل مع هذه الخواص بالشكل الصحيح فستتراكم عليك هذه الخواص، والخبر السيء هنا، بأن الذي سيتراكم عليك هي الخواص السلبية فقط أما الإيجابية فسوف تذهب منك، لأن الفرص الإيجابية تكون لحظية.
ومثال على ذلك، هل تعتقد بأن إيجابيات عمر العشرين من القوة والنشاط والحيوية والوقت، سيستمر لطيلة العمر معك؟ الجواب بكل تأكيد لا، ولكن سلبيات هذا العمر سيستمرون معك، وهذا بسبب نتيجة إضاعة وقتك وإهمال صحتك الجسدية والنفسية، وناتج العلاقات التي كونتها في هذه الحقبة الزمنية.
وهكذا لكل عقد وحقبة عمرية تتجاهل إيجابياتها، ستنتقل معك سلبياتها مع سلبيات العقد الذي قبله، فتنظر في نهاية مطاف عمرك، وكاهلك مُثقل لا تستطيع أن تَحل شيء منه، لأن صحتك وعمرك لا يسمحان بذلك.
أتشرف وأسعد باستقبال تعليقاك على المقال وقراءة رأيك فيه