كان الإنسان في العصور القديمة يمارس طقس يطلق عليه بإعداد الرجال، يهدف بتحويل الطفل الغير ناضج والهش المعتمد على أبويه والمتشبث بالمألوف ويخاف التغيير، إلى رجل ناضج صاحب كلمة وقرار ومسؤول عن ذاته وعن الآخر، عصامي وصارم وصلب مواجهاً للمشاكل، يتعلم من أخطائه دائم التغيير لأفضل نسخة من نفسه وواقعي.
عقدة الطفل /
هي عندما يصل الإنسان إلى سن الرشد ومازال يتحفظ بسلوكيات غير ناضجة تنتمي إلى مرحلة الطفولة والمراهقة، فالنضج وليد التجربة المدروسة، فكلما ازدادت تجارب الإنسان وخبراته وفهم أبعادها زاد النضج في ردود فعله وسلوكياته ونمط تفكيره ومشاعره.
كيف تتكون عقدة الطفل ؟
1. عقدة المادة /
رغمَ وجود المثل الأعلى في الرجولة ( الأب ) أمر ضروري، لكن الهدف ليس وجود الأب، عليه أن يكون أباً ناضجاً وهذا للأسف ليس بأمر سهل، فالنضج بحد ذاته رحلة نادرة لكل من الأبوين عليهم أولاً يكتشفوا عقدهم النفسية لكيلا يورثوها لأبنائهم.
عقدة القرارات /
من كان والداه من يتخذان القرارات بدلاً منه، ستجده في كل صغيرةٍ وكبيرة يستشير الجميع، فالندم والخوف الدائم على جميع قراراته الخاطئة.
فالنتيجة توقع أسوأ النتائج لقراراته الشخصية لعدم ثقته بنفسه، ومع اعتماده على الأبوين لن يعرف ماذا يرد هوا شخصياً، فتتلبد مشاعره ويفقد الاتصال مع ذاته الداخلية، ويبحث دائماً على الضمانات ولا يستطيع رؤية لخياراته أي قيمة.
العقد في العلاقات الزوجية /
الشعور في بداية العلاقة تكون بصورة اندفاعية، وفي هذه الحالة يدُل على عدم النضج العاطفي وعدم الوضوح مع الذات، فالمشاعر تتكون بناءً على المواقف التراكمية، ويلاحظ أن هذا الرجل لا يعرف كيف يكون مستقلاً بنفسه وأن يهتم بها فيريد من يطبخ وينظف له ملابسه مثل ما كان يعيش عند والداه وخدمة أمهِ له، وغالباً يكون فوضوياً في منزله.
فالاستقلالية في سكن خاص قبل أن يتزوج يعلمه المسؤولية الذاتية وإذا لم يستطع الاستقلال لاي ظرف من ظروف الحياة كالحالة المادية على سبيل المثال، يُمكن فعل هذا في مساحته الخاصة منفصلة عن أهله، الاستقلالية الذاتية فيها قيمة كبيرة وهي أحد الأسس لبناء الشخصية الناضجة.
الخلاصة /
إن إعادة أسلوب التربية القديمة في تربية الأبناء ونتبنى مقولة ( هذا ما وجدنا عليه آبائنا وأجدادنا ) و ( شوفونا ما فينا إلا العافية )، ينتج عنها عقد نفسية وهدم لشخصية الطفل، فينتج جيل قادم معقد نفسياً واجتماعياً حتى لو وصل لأعلى المناصب والعلم.
قد كثرت حالات الطلاق بين أطياف المجتمع والسبب يعود للأفكار التي زُرعت منذ الطفولة والعقد النفسية التي تكونت فيتم تفريغ هذه العقد على المجتمع مرة أخرى، فعلينا نحن جيل أباء جديد أن نعيد برمجة منظورنا الفكري في تربية أبنائنا وإطلاق جيل جديد في المجتمع واعٍ ومتحدٍ لغمار حرب وقوة الحياة، جيلٌ يبني جيل آخر بعده أقوى نفسياً وعليما ومجتمعياً فهي استثمار طويل الأمد.
لا بد علينا كأباء أن نزرع قيم ومهارات وفق المنظورات الفكرية الحقيقية للحياة وهي المنظورات الفكرية ( المجتمعية - العلمية - الجنسية - الفكرية - الذاتية - الدينية )، فلنبدأ بأنفسنا أولاً بتعلم هذه المنظورات وننفض الغبار عن عقولنا وأفكارنا عن ما تناقلناه بشكلٍ خاطئ في طفولتنا، نُبقي منها الصالح ونستغني من ما هوا غير ذلك، فالجيل الجديد أمانة في أعناقنا ومسؤولية كبيرة علينا، فلنهتم بهم ولهم.
.png)
أتشرف وأسعد باستقبال تعليقاك على المقال وقراءة رأيك فيه